بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 27 مارس 2010

التوازن واختلال التوازن في الفكر الاقتصادي


بحث
إعداد
عبد الغني عبده
أبريل 2008














التوازن في المفهوم الاقتصادي[1]:-
يمكن تعريف التوازن الاقتصادي على أنه وضعية تكون فيها المتغيرات المترابطة المختارة متوائمة مع بعضها البعض بحيث لا يوجد ثمة ميل داخلي لتغيير هذه الوضعية[2]. أي أن التوازن يعبر عن وضع استقرار تام يتحقق حينما لا تظهر أي من المتغيرات الاقتصادية التي أدت إليه اتجاهاً للتغير.
وللتوازن حالات عديدة لها أهميتها في الدراسات الاقتصادية، فالمتغيرات المحددة للتوازن قد تكون أرصدة أو تيارات. ولن يتحقق التوازن التام إلا إذا كانت هذه المتغيرات بنوعيها مستقرة.
ومن مفاهيم التوازن فكرة التوازن المتحرك أو المتنقل وفيها سماح لنمو الأرصدة ولكن بنفس نسبة نمو التيارات.
والتحليل الاقتصادي المتعلق بدراسة وضع معين من أوضاع التوازن يسمى التحليل الساكن وهو لا يهتم بالزمن وأثره على المتغيرات ولا بالمدى الزمني اللازم لتحقيق حالة التوازن هذه كما لا يهتم بتحديد المسار الذي تتخذه المتغيرات للوصول إلى حالة التوازن.
وثمة تحليل ساكن مقارن يتم من خلاله مقارنة وضعين أو أكثر من أوضاع التوازن الساكن، ويوضح التوازن الساكن المقارن ما يحدث للقيم التوازنية للمتغيرات الداخلية عندما يحدث تغير معين في متغير خارجي.
أما التحليل الحركي (الديناميكي) فيهتم بتحديد كل من المدى الزمني والمسار الذي تتخذه المتغيرات المتخلفة للوصول إلى حالة التوازن، بالإضافة إلى حركة المتغيرات المختلفة التي قد لا تصل إلى وضع التوازن إما نتيجة لأن حالة التوازن هذه غير قائمة أو لأن حركة المتغيرات لا تسير في اتجاه تحقيق التوازن أو نتيجة للتغيرات المستمرة في الظروف الخارجية. ويهتم التحليل الديناميكي غالباً بحالات الأوضاع البعيدة عن التوازن والتغيرات الحادثة فيها. كما يتهم بدراسة العلاقات التي تتضمن عنصر الزمن حيث لا تعتمد قيم المتغيرات على الفترة الحالية فقط بل تعتمد كذلك على القيم التي أخذتها المتغيرات في فترات زمنية سابقة. ويستخدم التحليل الديناميكي لاختبار شروط عودة المتغيرات الداخلية إلى القيم التوازنية بعد حدوث الاختلال، فإذا مال النظام تجاه التوازن من جديد كان نظاماً مستقراً وإذا لم يحدث مثل هذا الميل يكون النظام غير مستقر.
استقرار التوازن:-
تستمد فكرة استقرار التوازن من مفهوم قوانين الحركة في العلوم الطبيعية. ولمعرفة ما إذا كان التوازن مستقراً أو غير مستقر أهمية في رسم السياسات الاقتصادية، ففي حالة التوازن المستقر يمكن استخدام التحليل الساكن المقارن، أما إذا كان التوازن غير مستقر فيجب الاعتماد على التحليل الديناميكي نظراً لأن الاعتماد على التحليل الساكن المقارن في هذه الحالة يترتب عليه نتائج خاطئة.
ويمكن دراسة مفهوم استقرار التوازن بإتباع منهج فالراس الذي يعرف بقانون تغير السعر أو منهج مارشال الذي يعرف بقانون تغير الكمية.
منهج فالراس:-
يفترض فالراس أن اتجاه تغير السعر يتوقف على العلاقة بين الكمية المطلوبة والكمية المعروضة. فإذا كانت الكمية المطلوبة أكبر من المعروضة يميل السعر نحو الارتفاع بينما يميل نحو الانخفاض إذا كانت الكمية المعروضة هي الأكبر، ويظل السعر ثابتاً إذا ما تعادلت الكميتان، مما يعني توازن السوق عندما نصل إلى نقطة التعادل بين الكمية المطلوبة والكمية المعروضة. ولأن السلع في نظام فالراس تنتج أولاً ثم يذهب بها إلى السوق فإن الكميات المطلوبة والمعروضة تلتقي آنياً ويحدث التوازن السوق نظراً لتوافر المعرفة بالأسعار.
وفي عناصر فالراس للاقتصاد البحت (طبعة 1954) قد طريقة تتكون من دراسة نماذج متتالية التعقيد وقد بدأ بتحليل التغير الاقتصادي تحت أوضاع مختلفة قبل أن يستكمل ذلك بنموذج الإنتاج حيث تتم المبادلة أخير لخدمات السلع الرأسمالية ثم يدخل النقود في النموذج الدائري التي لا تضيف شيئا مهما للنتائج السابقة. ويعرض نموذج الهيكل الرأسمالي على أنه قمة تحليل فالراس كما سيتضح أن هذا النموذج يدل على إدخال عنصر الزمن في التحليل بينما تبقى النماذج السابقة ساكنة.
استند فالراس عند تحديه لشروط التوازن الاقتصادي العام (على المستوى الكلي) إلى مجموعتين من العلاقات، الأولى هي علاقات الاعتماد المتبادل بين عناصر النظام الاقتصادي، والثانية علاقات التبادل (العرض والطلب) وذلك بهدف تحديد الشروط والضوابط التي تؤول بالنظام إلى الوضع الأمثل لتخصيص وتوزيع الموارد الاقتصادية. وكما سبقت الإشارة لجأ فالراس في البداية إلى تحليل علاقات التبادل معتمداً على فكرة منحنيات العرض والطلب ليشتق منهما دالة المنفعة وقد بدأ بحالة افتراضية بسيطة حيث يوجد شخصان يريدان تبادل سلعتين استهلاكيتين وقد بين أن حجم طلب هذين الفردين على سلعة كل منهما يتوقف على ثمن التبادل، وهو السعر الذي يعبر عن هاتين السلعتين، ومنحنيي طلب هذين الفردين تتجه نحو الانخفاض مع ارتفاع السعر وتتجه نحو الارتفاع مع انخفاض السعر. ولما كانت علاقات التبادل بين سلعتين تتناسب مع حجم معين للطلب عليهما فمن الممكن اشتقاق منحنى الطلب ومنحنى العرض والتبادل يصبح ممكنا إذا كان الطلب مساوياً للعرض عند التوصل لتحديد السعر وإذا لم يتساويا تتوقف عملية التبادل ويعلن سعر جديد "من قبل المزايد" حتى نصل إلى سعر التوازن. ثم أدخل الإنتاج في مرحلة تالية في التحليل ليوضح شروط تحقيق التوازن العام في مجال تخصيص الموارد ثم أدخل في التحليل سوق عناصر الإنتاج واشتق معادلات توازنها بنفس المنطق الذي طبقه على السلع الاستهلاكية ومن خلال الربط بين نتائج المرحلتين استطاع الوصول إلى قلب نظريته في مجال التوازن العام للاقتصاد القومي، فما دامت لدينا معادلات عن العرض والطلب لكل السلع والخدمات يمكن مناقشة آلية التوازن وقد ابتدع فالراس فكرة العداد Numeraire وهي سلعة تستخدم كمقياس للحساب وهي مجرد عملة محاسبية تستخدم كمقياس للحساب وباستخدامها استطاع القول إذا كان لدينا (ن) من السلع لكان لدينا (ن – 1) من معادلات العرض والطلب (والمعادلة الخاصة بالعدادNumeraire مشتقة من المعادلات الأخرى) وعندنا (ن -1) أيضاً من أثمان مجهولة يراد تعيينها، ومن ثم فإن عدد المعادلات يساوي عدد المجاهيل وبالتالي تحل مشكلة التوازن العام.
منهج مارشال:-
ذهب مارشال إلى أن اتجاه تغير الكمية المعروضة يتوقف على العلاقة بين سعر الطلب وسعر العرض عند كمية محددة. فإذا كان سعر الطلب أكبر زادت الكمية المعروضة، وإذا كان سعر الطلب أقل قلت الكمية المعروضة، بينما تظل الكمية ثابتة إذا ما تساوى السعران، وهو ما يعني أن توازن السوق يتحقق عندا يكون سعر الطلب مساوياً لسعر العرض.
ونظام مارشال للتوازن العام يتكون من عدد (ن) من السلع وعدد (م) من عناصر الإنتاج حيث يتم استخدام كل عنصر إنتاج لإنتاج سلعة واحدة ولكل سلعة دالة للطلب عليها تربط بين الكمية المطلوبة وسعر هذه السلعة وفي حالة التوازن يتعادل سعر كل سلعة مع مجموع تكاليف عناصر الإنتاج المتضافرة في إنتاجها (تكلفة العناصر هي كمية العنصر في سعره أيضاً). وفي نظام مارشال عدد 2 (ن +م) من المعادلات لكي يحدد (ن+م) من الأسعار و(ن+م) من الكميات.
ويمكن تلخيص فحوى مفهوم التوازن الثابت من خلال الخصائص الأربعة التالية:-
1. يوجد مفهومين معاصرين عن التوازن هما "توازن أسعار السوق" و"توازن الأسعار الطبيعية" وفقاً لرؤية آدم سميث و"التوازن اليومي للسوق" و"التوازن الطبيعي" وفقاً لرؤية مارشال.
ويتم عرض المفهومين بصورة مركبة لأن دراسة أحدهما بدون الآخر يعد خطأ. حيث أن لكلا المفهومين علاقة بالتدرج ويعتبر التوازن الطبيعي أكثر أهمية من التوازن اليومي للسوق. وفيما يتعلق بمصطلح مارشال يقوم التوازن اليومي للسوق بدور فعال في الوصول للتوازن الطبيعي حيث أن التوازن الطبيعي ربما يكون من خلال تغيرات متعاقبة في التوازن اليومي للسوق. أما التوازن الثابت فيهتم بالتوازن الطبيعي مباشرة.
2. هناك عمليتان تعديليتان: تعديل التوازن اليومي للسوق وتعديل التوازن الطبيعي، ويري دي فوري (2000) أن تعديل التوازن اليومي للسوق يكون سريعاً بينما تعديل التوازن الطبيعي فيظهر عبر عدة دورات تجارة.
3. معيار التوازن هو نقص الدوافع لتغيير سلوك الوحدات الاقتصادية. وضرورة تنظيف السوق أو وضوح السوق على الرغم من الظروف غير الملائمة للتوازن. أما الاختلال فيعني انحراف أسعار السوق عن الأسعار العادية أو الطبيعية وهذا الانحراف يتماشى مع تنظيف أو وضوح السوق. يمكن وجود حالات من اختلال التوازن بشكل فعال طالما الانحراف في الأسعار موجود.
4. مفهوم التوازن الثابت بالنسبة للتوازن يتفق مع الفهم البديهي للتوازن، فعلى سبيل المثال هو يعد نقطة استقرار. وهذه النقطة لا يجب بالضرورة الوصول لها فعلياً، ولكن يكفى أن القوى المؤثرة تتحرك على الرغم من عدم الوصول إلى هذه النقطة. ويمكن النظر إلى التوازن على أنه نقطة جاذبية (وهو أول مفهوم استخدم للتوازن). مع ملاحظة أن هذا الخط الفكري يرى أن وجود قدر من التوازن أو الاختلال يختلف عن الحقيقة الواقعة.
عناصر فالراس للاقتصاد البحت:-
طريقة فالراس المميزة في عناصره للاقتصاد البحت (1954) تتكون من دراسة نماذج متتابعة من التعقيد. وقد بدء بتحليل الاقتصاد على أشكال مختلفة قبل أن يستكمل التحليل بنموذج الإنتاج. في الأخير تتم المتاجرة فقط في خدمات السلع الرأسمالية. لم تعد هذه هي القضية في حالة نموذج التكوين الرأسمالي والائتمان، حيث يتم الاتجار بالسلع الرأسمالية نفسها. وأخيراً يتم عرض النقود في نموذج التوزيع والنقود. وحيث أن النموذج الأخير لم يضف شيئاً مهما إلى النتائج السابقة، يمكن عرض ؤنموذج التكوين الرأسمالي على أنه قمة تحليل فالراس. كما سوف يتضح أن هذا النموذج يدل على الدينامكية (مراعاة التغير عير الزمن في التحليل) ومن ثم فإن باقي النماذج السابقة لفالراس تظل نماذج ساكنة.
بما أنه لا يمكن الوصول إلى التصور الكامل لنظرية فالراس بدون وضع نموذج التكوين الرأسمالي في الاعتبار فإنه من المهم البدء بمناقشة نموذج الإنتاج:-
نموذج فالراس للإنتاج:-
ما يدعى "بتلمس السوق" tatonnement عند فالراس هل يجب ترجمتها على أنها حساب (شرط) العملية التنافسية أم تترجم على أنها عملية تكرارية تحدث في الـ logic time. فطبقاً لترجمة وليام جيف (1981) افترض فالراس آلية تعديل تعمل على تحقيق التوازن من خلال الدورة التجارية. وهذا هو تضمنته فقط الطبعة الرابعة والخامسة من "العناصر". في البداية كان الهدف الأساسي لفالراس هو كشف الظروف المنطقية لوجود التوازن العام. والتزم بهذا الهدف في كل طبعات "العناصر" وعلى أية حال فقد غير رأيه في طبعات أخرى عن تكوين التوازن واحتمال التجارة أثناء الاختلال. في الطبعة الأولى تظل التجارة الخاطئة والاختلال عنصرين مكملين لتفكير فالراس. وقد حددت الـ tatonnement هدف واضح مما يوجه إلى شرح كيفية ذلك من خلال التجربة والخطأ، فقوى السوق قادرة على تحقيق نفس النتيجة التي حققها الاقتصاد الخارجي عند حل نظام المعادلات الآنية.
فالادعاء بأن مصطلح tatonnement هو التوضيح المثالي لعمليات السوق أو هو تقليد لقوى السوق في هذا المجال اختيار مصطلح tatonnement الذي يعني في الفرنسية تلمس الطريق مناسب تماماً، لسوء الحظ تتعثر وجهة النظر هذه مع الأساس النظري لفالراس إذ التبادل الخاطيء مسموح به ويبقي الاقتصاد عند توازن مختلف عن الذي بدء به وكنتيجة فإن العملية التنافسية ويتم التوازن تحسب خارج الاقتصاد وتخفق في التزامن. وللوصول إلى هذه المصادفة يجب استبعاد التبادل الخاطئ وهو ما يقلب مصطلح tatonnement رأساً على عقب. النتيجة النهائية أن نظرية فالراس ما زالت مسماة tatonnement ولكن دون تلمس أو جس نبض.
والآن تعبير tatonnement يصبح خطأ في التسمية ولكنه يحدد التقنية الرياضية المستخدمة من قبل المنظرين لإيجاد حل للمعادلات الآنية في نظام فالراس للتوازن العام. يجب أن ترى كظاهرة حدثت في لحظة معطاة ومن المستحيل أن يدافع عنها باعتبارها تعريف للأداء العادل للعملية التنافسية. إذن عملية التوازن تحدث فقط نتيجة لمسألة الاستطراق فالسعر المدفوع ليس أكثر من الاضطرار إلى رفض ما كان يهدف إليه فالراس أولاً عندما بدء مشروعه النظري يعني لحل لغز آدم سميث عن عمل "اليد الخفية".
إذن واجه الدارسون مشكلة تجاه مدى واقعية نموذج فالراس وهل هو أداة صالحة لوضع سياسة اقتصادية مناسبة أم أنه أداة تعبر عن شكل تجريدي للاقتصاد.
التوازن في نموذجي فالراس ومارشال للإنتاج:-
أخذ نماذج الإنتاج في العتبار يعطي ميزة السماح لرسم مقارنة حادة بين استنتاجات فالراس ومارشال، يمكن الإشارة إلى ثلاث اختلافات:-
1. الزمن، الدورات التجارية هي الأساس في تحليل فالراس بينما دورها ثانوي في تحليل مارشال. بعبارة أخرى نوع فترة السوق وهيكل الوقت المركزي عند مارشال غير موجود في نموذج فالراس.
2. العلاقة بين الإنتاج والتجارة، فلدى فالراس يبدو أن الإنتاج يحتل مكاناً قبل التجارة فالبضائع تنتج ثم ترسل إلى السوق. في نموذج فالراس يبدأ كل من الإنتاج والتبادل فقط بعد وجود التوازن. بعبارة أخرى الإنتاج يصنع – حصرياً – وفقاً للطلب ومن ثم فإن خاصية التوزيع التام مفترضة من البداية.
3. الاختلافات عن التوازن، ففكرة توازن مارشال مغايرة لفكرة التوازن الثابت. ومفهوم التوازن في نموذج الإنتاج لفالراس مختلف فلديه مفهوم واحد للتوازن ولذلك له معيار واحد هو وضوح السوق أو تنظيف السوق. التوازن سوف يكون دائما وفقا لافتراض tatonnement ولكن الاختلال له فقط وجود افتراضي ويحدث في الـ logic time . ولذلك ليس له وجود مؤثر في هذا السياق لا يوجد مكان لعملية تعديل تأخذ وقتاً. كل هذا يجعل تقييم فالراس أكثر سهولة بينما المزاعم المعقدة صيغت حول مدخل مارشال. على سبيل المثال قد يكون هناك توازن آلي طبقاً لمعيار آخر هو أن الوصول للقيم العادية غير ضروري.
الوقتية في عناصر فالراس:-
نوقش نموذج إنتاج فالراس كخطوة أولية نحو تكوين نموذج الائتمان وهيكل رأس المال. يدرس نموذج الائتمان اقتصادا متقدما حول سلوك المدخرين والمستثمرين وتراكم رأس المال وإمكانيات التبادل القوية وقد أخذ في الاعتبار فترتين: فعندما تنتج السلع الرأسمالية لن تنتج خدمات أخرى حتى الدورة التجارية اللاحقة. التوقعات عن الأسعار المستقبلية دخلت في الصورة مع المشاركين في السوق الذين يشكلون التوقعات حول الأسعار المستقبلية اعتمادا على الأسعار الحالية. في كلمات إرفن ديفرت التوازن في هذا النموذج يشمل مجموعة تتكون من تيار الأسعار والأجور الحالية زائد معدل الفائدة وهذا يساوي الطلب بالعرض في كل أسواق الإيجارات الحالية والطلب الإجمالي يساوي العرض الإجمالي المتاح من الأصول القابلة للاستثمار. جزء من عرض الأصول يتكون من إنتاج السلع الإنتاجية الجديدة، الذي يساعد على مساواة الطلب والعرض في سوق الأصول. بينما من الصعب فهم نموذج التكوين الرأسمالي لفالراس بدون رؤية الزمن، يجب أن يكون الاعتراف بأن طريقة فالراس افترضت أن الزمنية كانت بدائية فهو لم يتأمل التردد عن الأوضاع المستقبلية للعالم.
جعل الزمنية أسهل احتمالات التوقعات تعني توقعات ساكنة(الأسعار التي سادت في دورة تجارية يتوقع أن تسود في دورة تالية). نسب المشاركون في السوق التوقعات المحتملة الصغيرة.
عندما تأخذ في الحسبان النظرية الديناميكية لفالراس الاستنتاجات يجب أن تعدل لاستعارة مصطلحات كل من فان فتلستجين وماكس (1989) يكون فالراس هو الرائد الأخير لهيكس.
في هذا الضوء الجديد فإن المقارنة بين الثبات ومفهوم فالراس عن التوازن أقل حدة.
اتضح أن هناك مفهومين للتوازن بالإضافة إلى إمكانية اختلال التوازن عبر الزمن والتعديلات عبر الزمن.
سابقاً صرحت أن اختلال التوازن لدى فالراس يعني عدم وضوح السوق وهو ذو وجود افتراضي فقط. ويظل هذا حقيقي في ظل الاهتمام بالدورات التجارية. على أية حال المعنى الثاني للاختلال يعني الآن الاختلال عبر الزمن وهو غير متناقض مع المفهوم السابق عن وضوح السوق.
من فالراس إلى هيكس:-
الجيل الأول من الاقتصاديين التابعين لفالراس:-
انتقال فالراس إلى المحور الزمني عرف بصعوبة بالغة حتى من قبل هؤلاء الاقتصاديين الذين يدعون اتباع خطوات فالراس. مع إمكانية استثناء باريتو. فلكل الأهداف والأغراض الاقتصادية بالنسبة للنيوكلاسيك الرئيسيين في الفترة من العقد الأخير من القرن التاسع عشر إلى العقد الثالث من القرن العشرين كان الأمر المفروغ منه أن المفهوم الوحيد للتوازن هو السائد والممتد من الكلاسيك إلى فالراس.
تم إهمال عناصر فالراس خلال العشرينات من القرن العشرين حتى من قبل الأكاديميين واستبدل بقراءة أسهل لنموذج كاسل.
في الثلاثينات قام هيكس وليندال وهايك باكتشاف فكرة التوازن الثابت دون أن يعلموا أن فالراس توصل إليها قبلهم.
وكانت هناك قراءة لبعض طبعات فالراس.
لبندال وهايك وهيكس وإعادة اكتشاف التحليل الديناميكي لفالراس:-
النتيجة الحاسمة لنقاش الثلاثينات من القرن العشرين كانت ذلك المفهوم المتقدم عن التوازن العام الذي لا يمكن أن يعرف مال يكن متعلقاً بأفق زمني وعملية تخطيط عبر الزمن.
وهكذا مفهوم التوازن العام لا يمكن أن يعرف ما لم تكن التوقعات تشكل كم تبادلات إلى التوقعات. أعطي دور محوري لمفهوم التوقعات
وإذا كان حدس الأفراد صحيحاً أو ممكناً فالسؤال هو هل يتخذوا قرارات صائبة في الفترة؟
في هذه الحالة فقط يكون تخصيص الموارد بين الاستعمالات المختلفة ناجحا.
في مرحلة ثانية التطور أسقط أهمية التوقعات على افتراض أن المشاركين في السوق من الممكن أن تكون توقعاتهم خاطئة ومن ثم ظهر دور الدلال أو المزايد.
أوضاع الاختلال:-
أي أن هايك أكد على خطأ التوقعات وعلى أهمية إدخال عنصر الزمن في تحقيق التوازن.
نظرية التابعين لفالراس إمكانية الاختلال في دورة تجارية معطاة:
لكي تفهم عدم قبول عدم وضوح السوق في مدخل فالراس من الضروري أن تعكس فرضيتي tatonnement و "المزايد" اللتين تأسس عليهما هذا المدخل. فالمزايد مهمته تتكون من استخدام نظام الأسعار لعمل عروض تجارية تنافسية وبذلك يتوازن الاقتصاد كما أن له مهمة في تنظيم التجارة بعد التوازن حيث يعلن المزايد محددات السعر للمشاركين لإظهار الكمية المناسبة للتجارة.
التوازن العام في ظل فائض الطلب أو العرض سيحدث بالتجربة فقط عندما الـ tatonnement تعلن إغلاقها والسيطرة على التجارة.
اعتبر الاقتصاد في مرحلة سابقة أن السعر يعني رد فعل مخطط من قبل المشاركين في السوق في ظروف تجارية غير تنافسية. كنتيجة بعض عروض المشاركين في السوق لا يمكن أن تتقابل.
عندما يحدث ذلك يكون السعر خاطئ فيكون الوكلاء في حال تشاؤم مثل هذه النتيجة يجب ألا تحدث.
عوضا عن التحكم في التجارة المزايد يعلن سعر جديد مختلف عن ذلك السعر الذي تشكل بناء على إشارات فائض الطلب.
الأسعار ستتغير حتى تصل إلى سعر التوازن النهائي.
على الرغم من خداع الأسعار
السبب هو الطابع الديمقراطي الأساسي لعملية الـ tatonnement
المشاركين في السوق لديهم حق الاعتراض على قرار إغلاق عملية تكوين السعر ولكن خلافا لذلك فإن بديهية اشتراكهم في الـ tatonnement هي حقهم في تجارة مناسبة.
الـ tatonnement تشمل عقد عام فيد واحد، يتضمن كل المشاركين في الاقتصاد عند نقطة واحدة من الزمن.
أي شخص يواجه موقف غير متفائل سيرفض العقد العام وكامل العملية التجارية تتوقف ولذلك لا تحدث تجارة خاطئة.
الموقف يمكن أن يوصف على أن من الأفضل عدم التجارة على الإطلاق على التجارة الخاطئة، هكذا في سياق الـ tatonnement فإنه من غير المتوقع أن التجارة يمكن أن تتم دون رضا المشاركين في السوق.
عدم التوازن عند باتنكن:-
"دون باتنكن" كان هدفه الأساسي – في كتابه عن النقود والفائدة والأسعار (1965) – هو إعطاء دعامة قوية لمدخل فالراس.
النموذج المبسط لفالراس في النهاية يوضع لكي يستخدم لمتابعة الأخرين هدف تبرئة بصيرة كينز حول تلقائية البطالة.
وقد ناقش "باتنكن" في الفصل 13 و14 من كتابه موقف التوازن عندما يتعرض لبعض الصدمات.
عندما يزيد الطلب على السندات يقل الطلب على السلع والخدمات. بعد فترة تنمو الأصول فتقرر الشركات تخفيض الإنتاج وينخفض الطلب على العمل إلى أق من المستوى التوازني بينما تسبب هذه الحالة تقلبات في الأسعار والأجور الأسمية وهو يفترض أن إعادة التوازن تأخذ وقتاً.
باتنكن يعتبر أن من المفروغ منه أن حالات اختلال التوازن واردة الحدوث في سوقي السلع والعمال.
توجد البطالة الإجبارية نتيجة اختلال التوازن. وجود البطالة الإجبارية يحدد مدة عملية التعديل. وعند الوصول لعملية التعديل لا يمكن أن توجد بطالة إجبارية. هذا السيناريو يعرف الجذب الواقعي.
التعديل البطيء والسوق غير النظيف أو غير الواضح حالاتان موجودتان في نموذج إنتاج مارشال ونموذج التوازن الزمني لفالراس.
هذا التعديل البطيء قيد ينشأ في كل من:-
1. تحليل مارشال بسبب المعلومات المثالية.
2. في تحليل فالراس بسبب أن المزايد يؤمن تنظيف أو وضوح السوق.
اختلال التوازن لدى بارو وجروسمان:-
لعبت ورقة روبرت بارو (1971) وهيرشل جروسمان (1976) دورا مهما في تبني ما يسمى بمدرسة اختلال التوازن.
كما اهتم كتاب عديدون بتفسير دور التعديل البطيء في حدوث عدم التوازن للحصول على تصور أكثر عمومية عن محددات حدوث الاختلال.
لدى بارو – جروسمان السبب الداخلي الأساسي في نموذج التوازن العام متضمناً ثلاث سلع فقط هي العمل والبضائع والـ monetary good.
الأسعار تحدد من قبل المزايد. من المفترض على أي حال أن اتجاه سعر توازن فالراس لا يحدث. عدم فعالية اتجاه سعر التوازن لدى فالراس يمكن أن يعود إلى عملية الـ tatonnement . ولذلك عندما يعلن المزايد عن اتجاه السعر لا يحدث شيء. ويكون هذا السعر خاطىء غالباً غير أن الاقتصاد الواقعي يتماشى مع هذا السعر الخاطىء، إن زيادة العرض في أسواق العمل والسلع تؤدي إلى عدم التوازن وفقا للنموذج الكينزي.
اتهم لوكاس الأبن بارو وجورسمان بأن تحليلهم كان على العكس من روح فرضية المزايد.
نظرية فالراس الجديدة:- (أمكانية الاختلال المؤقت):-
إن إدخال الديناميكية في نظرية فالراس أدت إلى عدة تطورات مميزة. منها نموذج التوازن المؤقت ونموذج آرو – دربو والنموذج الثالث هو نموذج دورة الأعمال الحقيقية.
1. التوازن المؤقت نموذج هيكس المطور:-
إطار التوازن المؤقت لهيكس تطور في كتابه القيمة ورأس المال (1946) وكما سبق أن ذكرنا فإن السكون المقارن يستخدم في حالة التوازن المستقر إذ أن النموذج غير المستقر إذا تغيرت الظروف لن ينجذب في اتجاه التوازن الجديد بل سيتحرك بعيداً عنه ومن ثم تكون تنبؤات تحليل السكون المقارن عديمة الفائدة وفقاً لتعبير جون هيكس، وهي نظرة مستمدة من مارشال في مجال التوازن الجزئي كما استخدمت في تحليل الطلب الكلي في النماذج الكينزية. والاستقرار في سوق سلعة معينة يمكن تصوره من خلال تعديل أسعارها عند وجود فائض مثلاً في الطلب عليها ولكن بشرط أن تتعدل كل الأسعار الأخرى آنياً لكي تحافظ استقرار الأسعار ولما كان ذلك لا يحدث في الواقع فالاحتمال الأكبر هو حدوث الاختلال أو التوازن المؤقت. وفي كتابه القيمة ورأس المال حلل هيكس أوضاع التوازن الساكن وفقاً لمنهج فالراس ثم اهتم بالتحليل الديناميكي. وقد تصور هيكس أن الزمن مقسم إلى فترات أسبوعية وكل الأعمال يتم التعاقد عليها يوم الاثنين ويتم غلق الأسواق بقية الأسبوع، ومن ثم يذهب الجميع بالسلع والخدمات والأصول إلى الأسواق في يوم الاثنين ومن خبرة الأسابيع السابقة يكون لدى كل منهم تصور عن الأسعار ويتوقع الأسعار الحالية والمستقبلية ومن ثم يحدث توازن مؤقت في الاثنين الحالي وفقاً لفالراس. غير أن التوقعات ممكن أن لا تتحقق وفي كل اثنين هناك منتجات وخدمات وأصول جديدة وهناك توازن مؤقت جديد.
وقد وافق باتنكن على تحليل هيكس كما أعدات جين ميتشل (في سبعينات القرن العشرين) صياغة وجهة نظر هيكس المبهمة حول التوقعات بصورة أكثر وضوحاً.
2. نموذج أرو – دبرو:-
حدد أرو – دبرو أربع فرضيات للتوازن العام هي:-
1. المؤسسات تحول المدخلات إلى مخرجات وفقاً لأساليب فنية للإنتاج تحقق غلة ثابتة، ويستبعد من ذلك تزايد الغلة.
2. يوفر القطاع العائلي خدمات العمل ويقوم باستهلاك كميات موجبة من السلع.
3. تسترشد اختيارات الأفراد بدوال المنفعة التراتبية (منحنيات السواء المحدبة العادية).
4. لدى القطاع العائلي كميات موجبة من كل سلعة متاحة للتبادل في السوق، وله حقوق محددة في أرباح الإنتاج.
وفي نظام اقتصادي خاضع لهذه الفرضيات أثبت أرو- دبرو وجود توازن تنافسي وفق الشروط التالية (وهي نفس الشروط السابقة بصياغة رياضية):-
‌أ. المؤسسات تعظم الأرباح في ظل أسعار معينة في السوق.
‌ب. الأفراد يعظمون منافعهم في ظل أسعار معينة في السوق وأنصبة من أرباح معينة كذلك.
‌ج. لا توجد أسعار سالبة.
‌د. إذ وجد فائض عرض لأي سلعة يكون سعرها صفراً.
ووفقاً لتلك الشروط فإن التوازن العام سيحدث كما هو في نموذج فالراس تماماً توازناً ساكناً وتنظيف أو وضوح السوق
وقد أكدت جهودهما النظرة البديهية لعلماء التوازن العام من فالراس وهيكس وغيرهما. غير أنهما أدخلا ظروف عدم التأكد في الأسواق ودرسا مصادر فشل السوق في اقتصادات الصحة التي تمثلت في انعدام المنافسة والمعلومات غير المتماثلة مع الواقع.
3. نماذج دورة الأعمال الحقيقية:-
نماذج دورة الأعمال الحقيقية لها أصلان هما:-
نماذج تراكم رأس المال التي تطورت في الخمسينات والستينات من القرن العشرين ونماذج لوكاس للإحلال (1972) والسمة المميزة لها أن الدورة الاقتصادية يمكن تحليلها على أنها ظاهرة توازن. والمعالجة تنكر النظرة التقليدية التي يجب أن توضح على أنها التعبير عن فشل السوق. ولكن قبل التحقق من مفهوم التوازن في هذه النماذج توجد ضرورة الملاحظة التمهيدية.
وكل من نماذج لوكاس ونماذج دورة الأعمال الحقيقية تنتمي إلى مدخل فالراس للتوازن العام. ولا يمكن إنكار ذلك. فهذه النماذج لدورة الأعمال الحقيقية تعد عودة لبناء فالراس الرياضي، وقد كان فالراس متمسكا بالطريقة العقلانية ويدعو الاقتصاديين للاقتداء بعلم الفيزياء الرياضية حيث التجريد وتعريف المفاهيم الأساسية التي يبنى على أساسها إطار العمل النظري والبراهين. وبعد ذلك يمكن الرجوع للتجربة ليس من أجل التأكد ولكن من أجل تطبيق الاستنتاجات (فالراس 1954).
وقد اتبع أرو ودربو وهان فالراس في الإصرار على نقطة البناء المجرد للنظرية العامة للتوازن للنيوفالراسيين الذين يهتمون بافتراضات محددة حول ثبات التشغيل والأسعار والأجور الحقيقية.
كما يفترض نموذج دورة الأعمال – مثل أي نموذج كلاسيكي - أن النقود لا تؤثر في الاقتصاد الحقيقي (وإن كان تطور نماذج دورة الأعمال الحقيقية قد أدخل القطاع النقدي في التحليل على يد بلوسر وجي كنج ولوكاس).
للتكنولوجيا وتطوراتها دور كبير في إحداث كل من التوازن والاختلال في النماذج الحديثة لدورة الأعمال الحقيقية، ومن ثم يحتوى نظام الإنتاج في هذه النماذج على دالة تشمل رأس المال والعمل والتكنولوجيا.، بعد أن كان دالة الإنتاج الأصلية تحتوي على العمل ورأس المال فقط.
ومفهوم التوازن – لذلك- موجود في نماذج دورة الأعمال الحقيقية ولا يوجد فيها مكان للاختلال، كما أن مسألة التوزان في هذه النماذج واضحة بشكل لا يستوجب أي تعليق.
ويلفت لوكاس الانتباه إلى أن هذه النماذج تعتمد على مفهوم للتوازن مختلف تماماً عن المفهوم السائد في الستينات والذي تبنى وجهة نظر المدرسة الكينزية، وأكد على أهمية المعلومات وإذا ما كان الفرد لديه معلومات صادقة أم مغلوطة عن السوق والاقتصاد بصفة عامة وخاصة الطفرات التكنولوجية .


أنواع التوازن:-
1. التوازن العام:-
التوازن العام هو حالة يحدث فيها التوازن في الأسواق المختلفة للسلع والخدمات وعوامل الإنتاج دون وجود أي اختلالات في بعضها.
2. التوازن الثابت:-
لدي أدم سميث هناك توازن أسعار السوق وتوازن الأسعار الطبيعية، أما لدي مارشال فهناك التوازن اليومي للسوق والتوازن الطبيعي. والمفهومين لدي مارشال يجب النظر إليهما معاً لأن دراسة أحدهما بدون الآخر يعد خطأ حيث أن لهما علاقة بالتدرج عبر الزمن، ويعتبر التوازن الطبيعي أكثر أهمية من التوازن اليومي للسوق. ووفقاً لمارشال يقوم التوازن اليومي للسوق بدور فعال في تحقيق التوازن الطبيعي الذي يتكون من خلال التغيرات المتعاقبة في التوازن اليومي للسوق. ومن ثم فإن هناك تعديلات تطرأ على عملية التوازن الطبيعي منها تعديلات سريعة بسبب تطور التوازن اليومي للسوق وتعديلات أخرى تظهر عبر عدة دورات اقتصادية. ومعيار التوازن (الذي هو تحقيق مفهوم التوازن الأعلى) هو انعدام الدوافع لتغيير السلوك الفردي. ومن الضروري وضوح السوق على الرغم من عدم ملائمة الظروف للتوازن.
ومفهوم التوازن الثابت يتفق مع الفهم البديهي للتوازن فهو يعبر عن نقطة استقرار وهي نقطة ليس من الضروري الوصول إليها دائماً.
3. اختلال التوازن:-
يعني انحراف أسعار السوق عن الأسعار العادية أو الطبيعية وهذا الانحراف يتماشى مع وضوح السوق. وحالات عدم التوازن تظل سارية كلما كان هناك انحراف في الأسعار.
4. التوازن المستقر والتوازن غير المستقر:-
يعرف التوازن بأنه مستقر إذا أدى الانحراف عن حالة التوازن إلى خلق قوى اقتصادية من شأنها إعادة التوازن إلى حالته الأولى، وبالعكس يطلق على التوازن بأنه غير مستقر إذا ابتعدنا عن حالة التوازن الأولى ويتطلب تحقيق التوازن غير المستقر أن يكون منحنى عرض السوق سالب الميل وأقل انحداراً من منحنى طلب السوق (الذي هو سالب الميل أيضاً). أما لو كان منحنى عرض السوق السالب الميل أكثر انحداراً من منحنى طلب السوق (سالب الميل) يصبح التوازن مستقراً.
5. توازن المستهلك:-
وفق نظرية المنفعة القياسية يكون المستهلك في حالة توازن عندما يحصل على إشباع متكافئ من آخر وحدة نقدية من دخله منفقة على السلع المتخلفة.
ووفق نظرية المنفعة التراتبية[3] يكون المستهلك في حالة توازن عندما يقوم بشراء كميات من سلعتين ويحصل من استهلاكه لهما على أكبر إشباع ممكن – في حدود دخله- بحيث لا يرى سبباً لإجراء تغيرات على مشترياته.
6. توازن المنتج:-
يتحقق توازن المنتج عندما يحصل على أقصى إنتاج ممكن من دخله المحدود. وبعبارة أخرى عندما يبلغ أعلى منحنى ناتج متساوي بخط التكلفة المتساوي، أي عندما يمس خط التكلفة منحنى الناتج المتساوي. وتفريعاً من هذا التعميم هناك حالات متعددة لتوازن المنتج في الأسواق المتخلفة وفي الأزمنة المختلفة. ففي دراسة التحليل الاقتصادي الجزئي تعرفنا على سوق المنافسة الكاملة وسوق الاحتكار المطلق والمنافسة الاحتكارية واحتكار القلة. كما درسنا توازن المنشأة في الأجلين القصير والطويل وتوازن الصناعة كذلك في هذين الأجلين وذلك في الأسواق المختلفة. كما درسنا التوازن المستقر وغير المستقر ونظرية التوازن العنكبوتي (في حالة المنافسة الكاملة) وتحليل شمبرلن للمنافسة الاحتكارية ونماذج كورنت وبرتراند وإيجورث وشمبرلن وسويزي (نموذج منحنى الطلب المنكسر وجمود الأسعار) فضلاً عن نماذج الكارتل للاحتكار الثنائي واحتكار القلة. وتعلمنا في مراحل دراسية سابقة شروط توازن المنتج في هذه الظروف المختلفة ووفق المساهمات الفكرية المتتالية.
7. التوازن في الإنتاج والتبادل معاً:-ويدخل هذا النوع ضمن دراسات الرفاهية الاجتماعية حيث يتم التعرف على الكيفية التي يتم بواسطتها تحقيق التوازن في الإنتاج والتبادل في آن واحد داخل الاقتصاد.
[1] شغلت فكرة التوازن أغلب من ساهم في الفكر الاقتصادي منذ أرسطو حتى وقتنا الحالي، وإن اتخذت تصورات مختلفة لدى كل اتجاه (مدرسة) فكري كما كان لها تصورات مختلفة لدى بعض مفكرين منتمين لمدرسة اقتصادية واحدة.فقد ارتبطت فكرة التوازن لدى أرسطو مثلاً بفكرة العدالة القائمة على الطبيعية فكل ما هو طبيعي فهو عادل ومن ثم رفض الاحتكار والسعر الذي يتحدد في ظله واعتبره سعر غير عادل. والسعر العادل لديه ينتج عن التكافؤ بين ما يعطي الشخص وما يأخذ في المقابل. وإذا كانت فكرة التوازن ظلت مرتبطة بفكرة العدالة لدى المفكرين المسلمين (والفكر الاقتصادي للأساتذة) في العصور الوسطى فإن العدالة لديهم كانت تتعلق بالعدالة الشرعية (المستمدة من الدين) وقد تطورت فكرة السعر العادل لديهم لتصبح سعر التوازن بين العرض والطلب لدى ابن تيمية الذي تناول كذلك الأجر العادل أو الأجر المماثل والربح المعادل. أما التوازن لدى ابن خلدون فقد أخذ منحى متقدماً نظراً لتحليله الديناميكي حول الدورات التي تمر بها الدول وتحديده لشروط استقرارها وازدهارها أو اختلالها وانهيارها. وإذا وصلنا إلى التجاريين ومعاصريهم ممن مهدوا للمدرسة الكلاسيكية نجد "مالينز" قد توصل إلى فكرة سعر الصرف التوازني، كما قدم "ديفيد هيوم" نظرية في التوازن التلقائي لميزان المدفوعات كما أسهم في نظرية كمية النقود التي تعد نظرية في التوازن أيضاً كما أن مبدأ "جون لو" عن أن النقود تشجع التجارة مثل دعوة وضع دائم من عدم التوازن. أما "كانتيلون" فقد اعتبر مبدأ المنفعة الشخصية هو القوة المحركة لحدوث التكيف والوصول إلى التوازن بين الأسواق المتعددة والقطاعات الاقتصادية المختلفة. وقد اعتبر شومبيتر الجدول الاقتصادي لكيناي (رائد مدرسة الطبيعيين) أول طريقة ابتكرت لإظهار طبيعة التوازن الاقتصادي بشكل واضح ومباشر. وكان بداية الطريق لمحاولات متتالية من أهمها محاولة آدم سميث (رائد المدرسة الكلاسيكية) الذي اهتم بالتوازن الجزئي (حيث تحدث عن المستوى الطبيعي للسعر ومكوناته من أجر طبيعي وربح طبيعي وريع طبيعي ونظريتيه عن الأجور:- نظرية المساومة ونظرية مخصص الأجور) وأهتم أيضاً بالتوازن العام ووضح محدداته حيث بين أن ثبات الفائض الذي يجنب من الدخل للاستثمار (التراكم الرأسمالي) من سنة لأخرى وبالتالي ثبات إنتاجية العمل تؤدي بالاقتصاد إلى ما يطلق عليه حالة الثبات أو الركود. ومحاولة ريكاردو الذي اهتم بالريع التوازني والأجر التوازني واستطاع بناء نموذج تجريدي عن الريع والنمو وأدخل عنصري الزمن والسكان في تحليله وخلص إلى ميل معدل الربح للانخفاض وتعرض الاقتصادي الرأسمالي لحالة الركود في الأجل الطويل وهو ما استند إليه كارل ماركس في تحليله للنظام الرأسمالي. كما كان قانون "ساي" للأسواق قانوناً للتوازن الدائم للنشاط الاقتصادي في النظام الرأسمالي عند مستوى العمالة الكاملة مادامت مبدأ دعه يعمل دعه يمر مطبقاً. ورغم كل هذا الاهتمام من المدارس الفكرية الاقتصادية المتتالية بفكرة التوازن، فلم يكتشف التوازن العام إلا على يدي "ليون فالراس" أحد مؤسسي المدرسة النيوكلاسيكية. والذي تأثر بفكر المدرسة الحدية التي اهتمت بتعظيم منافع المستهلكين وأرباح المنتجين وجعلت التعظيم شرط الوصول إلى توازن المستهلك والمنتج وقد كان جيفونز مهتما (كما كان منجر "موسس المدرسة النمساوية" مهتماً أيضاً) بتحليل المنفعة الحدية وتوصل إلى قانون التساوي بين المنافع الحدية للسلع المستهلكة وقد اعتبر فالراس أن جيفونز عبقرية اقتصادية. وقد قدم فالراس نظريته عن التوازن العام سنة 1871م والتي حددت كيفية الوصول إلى توازن النظام الاقتصادي ككل، في ظل سيادة المنافسة الكاملة، وفي نموذج فالراس تتحدد جميع الأسعار في الوقت نفسه ولا يمكن تحديد المسببات فالسلع النهائية تؤثر في أسعار عوامل الإنتاج وتتأثر بها في الوقت نفسه. كما كان لمارشال إسهاماته في التوازن وتوصل إلى نفس النتائج التي توصل إليها فالراس رغم اختلاف منهجيهما التحليليين. ثم أوضح كينز في "النظرية العامة.." كيف أن النظام الرأسمالي يمكن أن يتوازن عند مستوى منخفض من العمالة مهاجما في ذلك عديد من الأسس الكلاسيكية والنيوكلاسيكية وأهمها قانون ساي. ومن خلال نموذجه للتوازن بين الطلب الكلي والعرض الكلي أوضح أن التوازن الاقتصادي عند مستوى العمالة الكاملة (الحالة الكلاسيكية) هي حالة خاصة من حالات التوازن الاقتصادي. وقد حدد "هيكس" الشروط التي ينبغي توافرها في المستوى التوازني للدخل "وفقاً للنظرية الكينزية" عن طريق إيجاد علاقة بين سعر الفائدة والدخل النقدي، ولأن هذه العلاقة توجد في نوعين من الأسواق هما السوق النقدي من ناحية والأسواق السلعية من ناحية أخرى فإن شرط "التوازن العام" هو تمتع السوق النقدي بالتوازن والسوق السلعي بالتوازن، وشرط التوازن في السوق النقدي هو التعادل بين كمية النقود المعروضة وكمية النقود المطلوبة (التفضيل النقدي)، أما شروط التوازن في سوق السلع فهو التعادل بين الادخار والاستثمار. ومن هنا فإن الشرطين التاليين هما اللذان يحددان المستوى التوازنى بين الادخار والاستثمار. (أ) التعادل بين الطلب على النقود (التفضيل النقدي) وعرض النقود (كمية النقود المتداولة)، وهذا هو شرط التوازن في الأجل القصير. (ب) التعادل بين الادخار والاستثمار، وهذا هو شرط التوازن في الأجل الطويل. فإذا ما حدث التوازن في سوق السلع والخدمات عند مستويات عديدة لسعر الفائدة والدخل القومي، وحدث توازن في سوق النقود عند مستويات مختلفة لسعر الفائدة والدخل القومي فإن مستوى واحدا لسعر الفائدة والدخل هو الذي يحقق التوازن في سوق النقود وسوق السلع والخدمات، وهذا هو وضع التوازن العام وقد استخدم في التوضيح البياني لهذا التوازن منحنيي IS ,LM الشهيرين وهما عبارة عن منحنيين للعلاقة بين الدخل وسعر الفائدة ويعبر الأول عن التوازن النقدي أما الآخر فيعبر عن التوازن في القطاع الحقيقي. كما كانت نظرية المباريات لنيومان نظرية في التوازن الاقتصادي خلال الثلاثينات كما أسهم أرو – دبرو كلاهما في وضع نموذج للتوازن العام عام 1954م. وفي فترة الخمسينات كان للمدرسة النقودية إسهاماتها في التوازن من خلال مصطلح "المعدل لطبيعي للبطالة"، كما عرف الفكر الاقتصادي المعاصر توازن التوقعات الرشيدة الذي يقوم على افتراض أن الأسواق إنما هي في حالة توازن باستمرار. وما تزال فكرة التوازن محل اهتمام كبير من جانب الدراسات الاقتصادية الراهنة من خلال مراجعة أهم الإسهامات في نظريات ونماذج التوازن العام أو إضافة رؤى جديدة لفكرة التوازن الاقتصادي، ففي أطروحته للدكتوراه (المقدمة لجامعة كمبريدج عام 1989 بعنوان مفهوم التوازن في النظرية النيوكلاسيكية Neoclassical) لاحظ فرانكو دنزيللي أن تاريخ المدخل النيوكلاسيكي الممتد خلال المائة وعشرون سنة الماضية يمكن أن يترجم باعتباره تاريخ العلاقة بين نماذج التوازن الثابت والآني من ناحية والعلاقة بين التطورات الداخلية لأي من النموذجين. ورأى دنزللي أنه ينبغي أن يكون هناك توافق بين المفهوم التقليدي للتوازن الثابت والمفاهيم الأخرى التي تجدها في كتابات مارشال وأيضاً المفهوم الجديد الذي بدأ مع فالراس وهو مفهوم التوازن الآني. وفي مقالته عن التوازن والاختلال عند فالراس والاقتصاديين التابعين له قدم ميشيل دي فروي (2002) مناقشة لما تعرض له دنزللي بشأن التطورات الداخلية لنظرية فالراس في التوازن العام. واهتم بمناقشة اختلال التوازن واعتبره تمثيلاً جيداً للعالم الواقعي، ولفت النظر إلى استبعاد تعبير الاختلال من مفردات الاقتصاديين لفترة طويلة. والسؤال المطروح هو هل يمكن أن تفسر نظرية فالراس مسألة اختلال التوازن؟ واكتشف ميشيل دي فروي في بعض النماذج لا يوجد مكان لاختلال التوازن غير أن نماذج أخرى تعتبره نتيجة مقبولة وفي بعض الأحيان فإن عدم وجود اختلال يعد مسألة عرضية. كما ناقش الخطوط العريضة لمنظور التوازن الثابت بالمقارنة بما قدمه فالراس ثم ناقش مفهوم التوازن عند فالراس كما قدمه في كتابه "عناصر الاقتصاد البحت (طبعة 1954) ثم عرض اختلاف الرؤى من الجيل الأول من الاقتصاديين التابعين لفالراس إلى ليندال وهايك وهيكس. وتعرض بعد ذلك لعرض النظرية الحديثة للتوازن العام وفقاً لفالراس ثم قام بعمل تقييم نقدي لمحاولات كل من باتنكن وبارو وجروسمان للوصول إلى نقطة اختلال التوازن، كما ناقش إمكانية اختلال التوازن الزمني، وقد ركز على مناقشة أربع نماذج مختلفة للاقتصاديين التابعين لفالراس هي:- (1) نموذج التوازن المؤقت (2) نموذج أرو – دبرو (3) نموذج الدورة الاقتصادية الحقيقية (4) نموذج ما مضى قد مضى.
[2] ( 1954)F. Machlup
[3] يطلق عادة على تحليل المنفعة التراتبية "تحليل منحنى السواء"، وترجع هذه النظرية إلى ثلاثينات القرن العشرين وهي من إسهامات هيكس وألين، غير أن ابتكار منحنى السواء كان على يد الاقتصادي الأمريكي إيجورث في نهاية القرن التاسع عشر ضمن ما يسمى "الشكل الصندوقي لإيجورث" كما استخدمه باريتو في دراسته للرفاهية الاقتصادية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.